Friday, July 23, 2004

الصلاة


كنت أصلّي في صغري ، مرّة قبل النوم كما تعلّمت في المدرسة ... وكنت أقول كلاماً ، تارةً خطأً ، وتارةً ناقصاً ... بالجملة ، لم أكن أعرف لها ، لا هدفاً ولا معنىً ... هذا دون نسيان الأيّام التي قضيتها دون صلاة ، لأنّي تعبٌ حزين ...
وكنت أتساءل في بعض الأوقات عن الصلاة المثاليّة ... فغيّرت فيما كنت أقول عدّة مرّاتٍ ، لكن دون جدوى ، فما من واحدة جعلتني أرضَى أو أُرضِي ...
وكم من صلاةٍ جعلتني أحسّ بأنّي كثير البعد عن الّله ... لأنّي صاحب رأسٍ تسرح وتمرح فيه أفكارٌ ذات أو بدون معنىً ، ما إن أركع ...
لكنّي أحسّ دوماً بحاجتي إلى الصلاة ، فماذا أفعل ؟...
فقادتني رجلايّ صوب مكانٍ في الغابة ، حيث اختليت بنفسي أوقاتاً طويلة ، وأنا أفكّر بمرارة الأيّام ، وحلاوة الحياة ... فوجدت قطرةً منهمكةً بتلميع الأعشاش والأعشاب ... فاقتربت وعانقتها ، فرفرفت بين يديّ ... حيّيتها قائلاً :صباح النور ...
فقالت :للبيعة ...كيف الأرض في هذه الأيّام ؟...
قلت :جافّة ...
قالت :وأنت ، هل تصلّي لترفعه عنها ؟...
قلت :لا أعرف كيف أصلّي !.. لكنّي أريد أن أعرف ، لماذا الصلاة ، وكيف يجب أن تكون ..
قالت :الصلاة ليست فرضاً ، ولا خياراً ... لا ترتبط بوقتٍ ، ولا مكان ... تبدأ بولادتك ، ولا تنتهي بموتك ...الصلاة هي صوت الروح ، صرخة شوقٍ إلى الحبيب الخالق ...هي عماد الحياة ، وحاكمة الماضي والحاضر ، والمستقبل ...
هي عكّاز الأرض ، وقارعة أجراس السماء ...
هي جلّادة الشياطين ، وفخر الرب ...
هي من الإنسان ، وفيه ، وله ...
هي ملكة ، وهو المملكة ... لا حول له بدونها ، ولا عمل لها بدونه ... ومع ذلك يخافها الضعفاء ، وينكرها المتكبّرون ، ويرجمها المستقوون ...
لأنّها سرّ الخلود المعروف ...
لأنّها تفوح من قلوب الأقوياء ...
قلت :وكيف أصل إلى الملكة ، وأنا لست إلّا خادماً حقيراً ؟...
قالت:لن تلقاك إن لم تطلب الربّ من كلّ قلبك ، ومن كلّ نفسك …
قلت :وكيف أعرفها ؟…
قالت :تاجها التسابيح …عيناها الحياة …فمها المحبّة …قلبها الإيمان …يداها النجاة …ورجلاها حضنٌ للإنسان …
قلت :وكيف أبقى معها إلى الأبد ؟…
قالت :ارمِ عنك كل ما يبعدك عن الّله...
ثم حملتها النسائم ، ووضعتها على لساني ، فتفتحت عينا أمّي على صوتي وانا أقول : أبانا الذي في السماوات ، ليتقدّس إسمك ، ليأتي ملكوتك ، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض ، خبزنا كفافنا أعطنا اليوم ، واغفر لنا ذنوبنا ، كما نغفرنحن لمن أساء إلينا ، ولا تدخلنا في تجربة ، لكن نجّنا من الشرير . آمين

No comments: