Thursday, July 22, 2004

حروف


شرّعت أبواب بيتي ، وخرجت رافعاً يديّ صوب السماء ... وكان قلبي يخفق بقوّة ، حتى كادت ضرباته تفتح صدري ، فيسبقني لملاقاة الحياة ...
خرجت ، وكانت أمامي الحقول ، الأودية ، الغابات والجبال ...
خرجت ، وكانت تجتمع أمامي كلّ القرى والمدائن ...وسمعت صوت أجراسٍ تقرع ، وأصوات أهازيجٍ تعلو ...وكان الندى يحطّ على كلّ المسكونة ... كلّ قطرةٍ نقطةٌ من حرفٍ ... فرحت أقرأ ما كُتب على الأرض بصوتٍ عالٍ :سلام اللّه لكم جميعاً ...أقوله ، ومن كلّ قلبي أتمنّاه لكم ...إعلموا أنّ اللّه رأى ويرى هذا الشرّ المتربّص بكلٍ منكم ، المغرق حياتكم في الخوف ، والحزن ، والألم ... ويعرف ضعفكم ...فتحالفوا معه ، بالصلاة والمحبّة والإيمان ، لتقفوا في وجه عدوّكم الوحيد ، الشيطان ...ولا تخافوا السقوط ، لأنّه ههنا في كلّ حين ليرفعكم ...فلا تعتقدوا أنّه ترككم ، أو سيترككم يوماً ، لأنّه لا حدود لرحمته ، أو لمحبّته ...حتى أنّه بذل ابنه الوحيد ، كي لا يهلك المؤمنون به ...فاطردوا من بينكم الشرّ ... ولينكسر هذا البرقع ، ولتتمزّق هذه الستائر الإصطناعيّة ... فأنتم لستم بعيدين عن النور ... ليس عليكم ألّا أن تقولوا للربّ : تعال واملك على قلوبنا ... لا ، لا ليس أكثر ...
أطلبوه ، أطلبوه في كلّ حين ، ولا تتأخرّوا يوماً ...وليكن صباحكم تسبحةً له ، والمساء شكراناً ...فلا تنسوا أنّ هناك سماء إن تضايقتم في الأرض ...ولا تخافوا ، لأنّ الربّ هو إلهكم وهو الملك ...
نعم إنّ الأرض موطئٌ لعرشه ، وقدماه تثبّتانها …وأولئك المقتدرون الذين يتلاعبون بها ، فهو يدوسهم مهما علت رؤوسهم …والشيطان الذي يخرّبها ، فتعرفون كما يعرف مصيره … أمّا أنتم فأبناءه أسماكم ...وقد رفع على كتفه كلّ خطاياكم وأحمالكم الثقيلة ...
أنيروا طرق بعضكم ، ولا تخفوا المصابيح تحت ثيابكم ، فتسقطوا وتُسقطوا الآخرين ...
أغفروا بعضكم لبعض ، ولا تدينوا كأنّكم بدون خطيئة ...أحبّوا بعضكم بعضاً ...أحبّوا بعضكم بعضاً ...وليحفظكم الثالوث القدّوس في كلّ حين ...
وفي تلك الساعة ظهرت الشمس ، فانطلقت لأجمع النقاط ، واحدةً واحدة ، ودون نقصان ، لأنّ كلًّ منها دواءٌ لكلّ القلوب ... دون نقصان ، لأنّ هدف حياتي شفاكم كما شفيت ...
النهاية
د. ساسين ميشال النبّوت

No comments: