Friday, July 23, 2004

المقدمة



مع كلّ خفقةٍ من خفقات قلبي ، ومع كلّ خطوةٍ أمشيها ، تهرب الثواني منّي مسرعةً ، لترمي نفسها في حفرة الدقائق ، التي ما إن تطفح بها حتى تنتهي في خزّان الساعات . ومثلها الساعات في اليوم ، واليوم في الأيّام ، والأيّام في السنين ، والكلّ الكلّ في الماضي ...
الماضي الذي يكبر خلف كلٍّ منّا ، بنفس سرعة الوقت الذي نقضيه ونحن أحياء ... وهدفه بالتأكيد ليس إغراقنا ، بل تأسيس حاضرنا وتركيزه ... لبناء المستقبل ، الذي تعلّمت منذ نعومة أظافري ألّا أفكّر إلّا فيه ، لأنّ كلّ من يقف مكانه لينظر الى الوراء يسقط ...
والنظر الى المستقبل بعين الإيمان ، علّمني حبّ الحياة ...
فمع كلّ خفقةٍ من قلبي ، أحسّ بعمرٍ جديدٍ ينبعث فيّ ... ومع كلّ خطوةٍ أمشيها ، أرى الخليقة متقدّمةً معي ... ومع كلّ تكةٍ من الساعة ، تتكاثر كنوزي الروحيّة وتتكدّس ، مستغلّةً الثواني الفانية للحصول على الأبديّة ...
آه كم أحبّ الحياة !... آهٍ كم أحبّها !... فما من شيئٍ استطاع أن يكرهني على بغضها ... حتى الأشياء التي يقول عنها الناس أنّها بشعة ، كنت أحملق وأفكّر فيها ساعاتٍ وساعات ، لأخرج منها ما يحبّ ... حتى الخطيئة التي لا يحزنني إلّا سقوطي وأخوتي فيها ، فقد عجزت عن إبعادي عن حبّ الحياة . ولم تنجح إلّا بزيادة مقتي للشيطان ، ولضعف الإنسان . لا بل وأكثر ، فقد دفعتني لأحاربهما فكراً ، وقولاً ، وعملاً ...

No comments: