Friday, July 23, 2004

الخطيئة


منذ الخلق والشياطين تحوم حول الإنسان كي تجد من يبجّلها ، ويعترف بقدرتها وألوهيّتها
منذ الخلق وهي تعمل لجعل المخلوق ينكر خالقه ... وتحاول جاهدةً ودون فائدة لإجبار الربّ على التخلّي عن آخر صنائعه ، بإثبات أنّه غير جديرٍ بمحبّته ورعايت
والإنسان هو هو ، لا يتغيّر ، ضعيفٌ ، لا يرى أبعد ممّا أمام ناظره ... دائم الخوف ، فيندفع بالغريزة وراء كلّ ما هو سهل ... والمصيبة تكمن في أنّ كلّ طرق الشر مبهرة للنظر عند مداخلها ، وداخلها مخفيٌّ بإغراء ، وهي في الحقيقة لا تودي إلّا إلى الدمار
وأمّا طرق الربّ فتحيط بها هالةٌ من الصعوبة ، وهي تنكّد على الإنسان حياته بالقوانين ، وتدعوه لترك المادة حوله ، هو الذي منذ نزوله إلى الأرض راح يجمع منها ويكدّس ، كي يكون بغنىً عن إلهه ، وحاضراً للجوع والعطش والعري والتشرّد ، لكن غير حاضرٍ أبداً للموت ، فالحياة الأبديّة
فصار بذلك تقديس الجسد دين البشر ، والصراع من أجل البقاء ناموسهم
فبذل ويبذل كلّ منّا أقصى ما في وسعه لإرضاء شهواته ، فلا تعتب عليه يوماً ... وإن فوّت فرصةً ما لبقي ليالي ساهراً ، نادماً
وروحنا ، التي من الّله ، مهملةٌ ، منفيّة ، فمن منّا يراها أو يعرف قيمتها عندما يكون هناك ما يرضي الجسد ، فهو هنا على هذه الفانية لمرّة واحدة قبل أن يتلحّف بالتراب
دوماً ، ما يرضي أجسادنا تنبذه روحنا ، وما يرضي روحنا ننبذه جميعاً
أكثر ما قد نفعله هو إدانة الخطيئة ، لكننا عند التجربة ، نسير فاغري الفاه خلفها ، مسحورين بطعمها ، ومذلولين بوساختها
وأنا أركعتني الغواية ، وجرّتني مستيقظاً إلى مخدعها ، وأذابتني في عالمٍ أسودَ ، مختلفٍ عن الذي كان يجب أن أعيشه ... وكنت أعتقد أنّ لا أحد يراني ، ولا أحد يحسّ بي
أعمتني ، فخلت السمّ خبزاً يوميّاً ... فاجتاح دمائي ، وصرت عبداً ، نيره ثقيل ...صرت وحيداً منبوذاً ... فحزن اللّه ، وفرح الشيطان

No comments: