Thursday, July 22, 2004

بيت الربّ


في يومٍ ، كنت أزور معبداً في إحدى القرى ، فوجدتها ملطّخةً بأوساخٍ ، شوّه بها الناس جمالها ، في احتفالٍ أقاموه ... إحتفالٌ ، استحضر بطولات الماضي ليزرعها في النفوس الهشّة ، فيولد مستقبلٌ أسود في بيت اللّه ...عانقت حجارتها حزيناً ، فقامت قطرة ندىً كانت تحطّ على أحداها ، وصرخت في وجه هذه القرية قائلةً : بيت الربّ ، بيت عبادةٍ ، وأنتم حوّلتموه إلى مغنىً ومرقص ...فلم يعد أحدٌ يراكم في وقت الصلاة ، لأنّها صارت للمسنّين وخفاف العقول ... أمّا وقت الكفر والدعارة ، فلا يفوّته واحدٌ من شبّانكم ...كلام السفاهة تسمعونه ، وتفرحون به ، لا بل وتدفعون ثمنه ... وأمّا كلام الربّ فلكم مجّاناً ، وترفضونه ...
عجباً ... عجباً منك أيّها الإنسان !! فلا أجدك إلّا منزلقاً خلف الخطيئة ...دوماً تنسى اللّه الذي برفعة يدٍ هدّأ الرياح ، وبكلمةٍ منّه تدحرجت صخور الجبال وغارت في البحر …طيور السماء ، ووحوش الغاب خضعت له ، وأزهار الحقول والأشجار خرّت أمامه ...كلّها سارت بنظامٍ كما أمر، وعنه لم تحد ، وما تعدّى عنصرٌ فيها على آخر ... أمّا أنت ، فلا أحد سواك يجاهره ...يقدّم لك فتأكله ... يحرمك فتطرده ...ولم تحسن يوماً استعمال ما أعطاك ، بل خرّبت كلّ شيء ... فالحرّية التي أعطاك صارت أداةً لقتلك بعقلك الصغير ... لا ترى برغم العينين اللتين أعطاك ، ولا تسمع صوته الذي كلّ من مناداتك …
فما نفع المال ، والحجارة ، والذهب ... والناس تائهون ، يشتمون الظلام ، ويرفضون السير في النور ...لكن هل تستطيعون الإصغاء ، وآذانكم صمّتها حجج المدنيّة والحضارة ؟...مدنيّتكم التي جعلت الحريّة أقدس من اللّه ...مدنيّتكم التي حمّلتكم تمثال الزانية ، لتضعوه قرب الطهارة ... فسجدتم للزنى ، ورجمتم الربّ ...مدنيّتكم التي هزأتكم من خالقكم ، عندما حلّت لكم نثر العهر قرب البخّور ...
الآن ، حضارتكم ، وثقافتكم هي أتفه ما على الأرض ، واسمكم سيكون رديفاً للعار ، وقد كان له أن يقترن بالقداسة ... لأنّ معابدكم كبرت ، وحجارتها تعالت ، لكنّ إيمانكم صغر حتى الموت ... جعلتم بيت الّله ، ملتقى أفراحٍ وأتراح ، وليس بيت صلاة ...حتى أنّكم حوّلتم الصلاة إلى تقليدٍ موسميّ ...لكنّ تبجّحكم بالعلم والمنطق ألغى عقولكم ... فعرف عقلاؤكم أنّكم غير أحياء بدون صلاة ...
لا أعرف ؟... لا أعرف ؟... كيف تحجمون عن الصلاه لساعةٍ واحدة ، من أسبوعٍ طويل ، يعتني في كلّ ثانيةٍ منه بكم ربّ الكون ، وأنتم من يجب أن تصلّوا كلّ اليوم ، كلّ يومٍ في الأسبوع ...ألا تعرفون أنّه في ساعة الحساب ، لن تنقذكم هويّاتكم ، لا بل سيرفضكم الكلّ ، لأنّكم رفضتم الدخول عندما كان الباب مفتوحاً ... رفضتم ، كلٌّ بحجّة ، كي تخفوا تحجّر قلوبكم ، وسروركم بتحجّرها ...
لو كان للأستسلام مكانٌ في قلب اللّه لكان ترككم منذ آلاف السنين ، لتتخبّطوا وحدكم في البشاعة والجوع والدمار ... لكنّه لا يعرف الضعف ، وسيبقى وراءكم إلى الأبد ، كي يحصد المحبّة التي ابتكرها وزرعها في قلبكم ...فهو لا يريد منكم إلّا ما هو منه ، يريدكم أنتم …

No comments: